تطاول الليل «أهل اليمن» .. فماذا أنتم فاعلون؟
راجعتُ عشرات المقالات التي كتبتها عن اليمن سابقاً سواءً أكانت اقتصاديةً أو سياسيةً، ثم تأملت حال اليمن اليوم الذي اتسم بندرة المبشرات بخير قادم، رغم محاولات الإنقاذ من الحكومة الحالية وبعض الدول عموماً، والسعودية خصوصاً
لن أتحدث اليوم عن سياسة الرئيس اليمني السابق الذي مدحتُ موقفه تجاه الحفاظ على وحدة اليمن ذات الموقع الاستراتيجي في جزيرة العرب، من يوم توقيع الوحدة عام 1990م حتى حرب 1994، وبعدها كتبت مقالات عدة من عام 2005 إلى 2010، حذَّرتُ فيها من انهيار النسيج الاجتماعي بين الشمال والجنوب، بسبب الفساد الحكومي السابق في ممتلكات أهل الجنوب وحضرموت وأثرها في اقتصاد اليمن بصفة عامة، وبصفتي السابقة كرئيس لمجلس الأعمال السعودي اليمني، لاحظ الدعم الخفي من الجانب الرئاسي اليمني وكذلك إيران، لحركة الحوثيين التي أكلت الأخضر واليابس، وهي الحرب الذي تم بها إشغال الجيش بحروب كان الرئيس السابق علي عبد الله صالح المحرك الفعلي لها من الطرفين
مقالي اليوم ليس سياسيا أو اقتصاديا، إنما عن أهل اليمن وعن قبائل عدنان وقحطان العالية عن الأرض، التي صدَّرت مئات الملايين من البشر بدءا من العهد السحيق للتاريخ حتى وقتنا الحاضر، لن تجد كتابا للأنساب أو التاريخ في أي دولة عربية إلا ويعرض بالتفصيل وبالوثائق عن أُصول التجمعات البشرية لديهم بأنهم من اليمن
إن الشكل السياسي والهيكل الاقتصادي القادم ليس في يد حكومة الإنقاذ، إنما في يد شيوخ القبائل وأبنائهم وأفراد الشعب اليمني. في عام 2013 اليمن لا تحركه الأحزاب أو مجلس النواب أو الجيش، إنما وعي الشعب وحكمة شيوخ القبائل
يا أهل اليمن: ”إنَّ العين لتدمع وإنَّ القلبَ ليحزن” حين نرى أبناء قحطان يموتون في صحراء الربع الخالي في محاولة لعبور الحدود إلى السعودية أو الإمارات أو عمان، نتألم ونحن نرى عدم قبولهم في دول الخليج العربي بسبب تسلل عناصر من الحوثيين داخل تلك الأفواج البشرية للإضرار بمصالح الدول المجاورة تنفيذا لأجندة إيران
يا أهل اليمن: إنّ قدر التزكية والشَّهادة والإشادة لأمةٍ من الأمم ليعظم قدرها ويعلي شأنها ومقامِها بقدر الشاهد والمزكّي لها، فقد قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم:” … يَطْلُعُ عَلَيْكُمْ أَهْلُ الْيَمَنِ، كَأَنَّهُمُ السَّحَابُ هُمْ خِيَارُ مَنْ فِي الأَرْضِ …”
يا أهل اليمن: أنتم قوم نقية قلوبكم ولينة طباعكم، فقد قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم ”أتاكم أهلُ اليمنِ، هم أرَقُّ أفئدةً وألْيَنُ قلوبًا، الإيمانُ يَمانٌ والحكمةُ يمانيةٌ …”، فبعد تلك الإشادة النبوية الطاهرة ماذا أنتم فاعلون؟ أهي وحْدَة عادلة أم فرض الواقع بأن الكثرة تغلب الأقلِّية؟
يا أهل حضرموت: إنَّ الله أكرمكم بالهجرة المباركة إلى دول الخليج العربي، فببركة دعاء نبيكم وحُسن أخلاقكم وبراعة عملكم، فتح الله عليكم أبواب الرزق والتقدير من إخوانكم حكَّاما وشعوبا وأصبحَ لكم كلمةً ومشورة، فماذا أنتم فاعلون؟ هل تُديرون ظهورِكُم لأبنائكم في حضرموت وإخوانكم في اليمن، أم تسعون مع سياسة حكوماتكم في دول الخليج العربي بتقديم يد المساعدة
الدعم المنتظر منكم ليس عملا تطوعيا أو خيريا ينتهي باستهلاكه من المحتاجين، بل ننتظر استثماراتِكم في جل المجالات، في الزراعة والطاقة والموانئ على بحر العرب المفتوح والتعدين وهي الأهم في الوقت الحاضر، تلك الاستثمارات المتخصصة التي تخلق فرص عمل وخدمات متميزة وتخفف من الهجرة
يا أهل اليمن: لقد دعا لكم رسول الله – صلى الله عليه وسلم – مرتين أو ثلاثا قائلاً: ”اللهمَّ بارِكْ لنا في يَمَنِنا”، فاجتهدوا وابحثوا عن هذه البركة وليكن لكم منها نصيب وافر
وأكرر قول الشاعر امرؤ القيس بن حجر الكندي ”تطاول الليل علينا دمون – دمون إنا معشر يمانيون – وإنا لأهلنا محبون” .. فماذا أنتم فاعلون؟